ألعاب

الوفاق الوطني








استعدنا عادة الضرب على الأقفية، وبنينا حضارتنا
ثانية . كل احمرار يحمل ملهاة، وكل ابتسامة تحمل حجراً
من سَدّ . تشققت الأيدي حاملة الصبار، وصارت
الصحاري بلا شوك .
السفلة ! لم يستمعوا إليّ ! عادة ضرب الأقفية
تقترن ببناء الحضارات، ودون كذب، ليس بالابتسام
وحده يكون الوفاق الوطني .






القوة والأخلاق










ثلاث ثعالب صغيرة، واحد هو القوة، والثاني هو الأخلاق،
والثالث هو ثعلب . أقتحم ثعلب القوة كَرمَة الصاحي
فخرج مكبَّلاً في الفخ، وهاجم ثعلب الأخلاق
كَرمَة المنتبه فخرج بعين واحدة، وهرب من الخجل .
الثالث الذي هو ثعلب، نام فحلم بالكَرمَة، وأحس
بالشبع .




السلام العادل










بينما ترفرف أعلامي في عروقها، طَلَبَت مني أن أرتدي القبعة الزرقاء لقوات حفظ السلام، وأن أصفعها على وجهها
متحدثاً بلغة أجنبية .
على باب شقتها، سألتني أن أحتاط لأنفاسي،
وألاَّ أتأخر عليها في كتابة الخطابات .






جرائد يومية










للتخفيف العام، ومحاولة لتجنب الأزمات، تم إصدار
كل الجرائد اليومية بنكهات شرقية، صفحات مضّمخة
بعبق الرائحة، " الأهرام " بنكهة القرفة، " أخبار اليوم "
بالمرمرية، " الجمهورية " بالحلبة الرخيصة .
لكم الآن أن تأكلوا الجرائد اليومية بنكهة شرقية،
نكهة حبر أسود القلب .





الندم










لا أعرف من أين جاءت تعبيرات مثل " يعض على بنان
الندم "، أو " العمر ضاع يا جماعة ! " . أردت فقط
أن أعود لتلك العجوز التي مَّرت بجانبي لأنظر في عينيها
بدقة مناسبة، ولم أنم منذ يومين حتى لا أنسى
رائحتها التي تشبه رائحة الأطفال .






أربـاب مـهـن










أحب أن أصنع قصيدة من الخشب، أو من
معدن ساخن تم ترويضه . سأصنع صندوقاً
خشبياً مغلقاً من كل الاتجاهات، وسوراً معدنياً
بعكس الشارع . سأصنع أيضاً خمس عواميد
نحاسية، وكتلاً برونزية صماء، سأنسج ملاءة
من قماش جديد، تغطي المنزل كله، وأقف أمامه
قائلاً " أنا الصانع الماهر !"



أنا، واحد ، اثنان، ثلاثة







جلس لاعب السيرك الذي يمحو عبوس الأطفال وتوجس
الكبار على مقعده ليكمل الجلسة الثلاثية .
الشاب ذو الأعين الزرقاء الذي ينتظر وظيفة حكومية
تدفعه لمصاف المحترمين، الجندي العجوز الذي هام على
وجهه خمس سنوات، وأخيراً لاعب السيرك .
طلب الشاب ذو الأعين الزرقاء إذناً بالكلام،
والجندي العجوز طلب وردة حمراء ليضعها في جيب
قميصه، أما لاعب السيرك فقد تقدم لطلب وظيفة
حكومية تدفعه لمصاف المحترمين، وأعلن الحرب ثلاث
مرات على الأقل، ثم ذهب ليهيم على وجهه خمس
سنوات كاملة .


ما يفعله الحياد







وقفت اللبؤة تشاهدهم من بعيد وهم يقتلون
أطفالها . إصطادوهم ببنادقهم وبإيمانهم بالصيد .
لم تتدخل حتى أخر شبل صغير . كان يحمل علامة سوداء
محببة على وجهه . انتظرت حتى انتهوا وغادروا ببطء
، ثم بدأت تأكل نفسها بهدوء .







أنا، و"آفي"، و" حسن "


أضئنا الشموع حول المثوى الأخير للقط الذي أحببناه،
أنا، و" آفي"، و " حسن " . مات بعد أن أعطته " آفي "
الدواء الخطأ . كومة من الرمل، سماء ليلة شتوية، كل
الظروف المُهيئة لحسرة ملكية. أنا، و " آفي "، و " حسن " .
حملنا هالات الضوء المعتادة على رؤوسنا، ووقفنا
معلَّقين خمسة سنتيمترات فوق الأرض، متحلّقين
حول القبر الصغير الذي حمل كل آثامنا .
بعد سنة، اكتشفنا وجود أكبر بنك في العالم فوق قبر
القط، وكان هناك رجل أعمال صغير أمام شباك الصرف
الإلكتروني، ينظر في بَلَه إلى أوراق بنكنوت، تحمل
صورة قط يبتسم .






فــشــل








قتل الكوَّاء أخته وحبيبها، وكوى وجههما ثلاث
مرات متتالية، ثم ذهب إلى أبيه ليخبره بالبشرى .
نظر الأب أليه في غضب، ثم أشار إلى النافذة .
كان الحبيبان هناك، في الهواء، يقبلان بعضهما،
بلا وجوه .








في اللحظة الأخيرة








المرآة في الصباح تعلن الكارثة . أنتفخ جسدك،
وانتحرت زواياه في دوائر من اللحم والألم . يومان
وتموت بعد أن تسد كل منافذ البيت .
بعد أن يتوقف الهواء عن المرور، حاول أن تنقذ
أي شيء في المنزل، ولا تفكر كثيراً في ماكينة
الحلاقة الثمينة .







لنبدأ بالأطراف







هل تخيلتم أبداً أن يكون لشخص ما أطراف متشابهة ؟
كأن تكون يده اليمنى كما هي، واليد الأخرى يمنى أيضاً،
أو العكس ؟ سيكون مبهجاً للغاية أن نرى شخصاً
أعسراً يمارس حياته اليومية بأطراف عسراء،
وسيصبح من السهل علينا أن نقرر الاتجاه الحقيقي
الذي نريد الذهاب أليه، مكان مقود السيارة،
أسهم الشوارع الوهمية،الوجوه التي نريد النظر أليها .







كـــدمــة





الضربات اليومية تسبب كدمات، أحياناً تكون خطيرة .
ألم تشعر بألم واحمرار في كتفيك بعد أن طردك رئيسك
في العمل ؟ حسناً . أخوك الأصغر شعر بتورُّم عينه
اليسرى، عندما زعقت فيه مدرسة الحساب،
وأزرقّ ظهر أختك بعد طلاقها بيومين .
صديقك " علي " أنفجر مخه عندما دهست عربة إسعاف
كلب الشارع الذي يحبه .









الــصــمــت







الصمت ليس صمتاً كاملاً بالأساس، فصرير أي
شيء يخدشه . صمت النهارات عندما نصحوا تخدشه
طقطقات السرير، خطوات أقدامنا عند الحمّام،
تكَّة مفتاح النور، صوت ريقنا حين نبلعه .
صمت حجراتنا ساعة النوم، يخدشه حديثنا بلغات
أخرى، واعترافنا بالمخاوف التي أكلناها كضباع
، وهربنا منها كأرانب ضخمة .





أرق








نام على جانبه الأيسر فتململ، الأيمن فتململ
على ظهره فرأى العفاريت في السقف، ثم على بطنه
فأنكتمت أنفاسه وخاف من الغرق .
أعتدل في سريره، ونصب الشراع السميك
للأرق، وجدّف .